كان عند جدتي قطة، أرادت أن تعبر الشارع، دهستها شاحنة فماتت. تحلقنا حولها بدهشة وهي تلفظ أنفاسها. كنت أسمع أن للقطط سبعة أرواح، انتظرت أن تنهض القطة من وسط الشارع لتحيى بروحها الثانية، لكنّ شيئا من ذلك القبيل لم يحدث. لم تنفعِ القطةَ أقاويل الناس وخرافاتهم السحرية، لقد ماتت من أول مرة.
قلت ذلك لعجوز متسول كان يطعم قطط الحيّ المتشردة من غنيمة التسول، قلت له إن للقطة روحا واحدة واستدللت أمامه على ذلك بما حدث لقطة جدتي. رفض ادعاءاتي وانحنى ليضع سردينة صغيرة مقلية أمام قطة صغيرة لم تترك لها القطط الكبيرة فرصة للأكل، وهو يقول بصوت واثق: لقطة جدتك سبعة أرواح كباقي القطط، كل ما هنالك هو أنها ماتت ست مرات وعادت إلى الحياة ست مرات قبل أن تصدمها الشاحنة، كانت المرة السابعة هي تلك، تحت عجلات الشاحنة، لذلك لم تنهض. نهض وعَدّ القطط بصوت مرتفع مشيرا إلى كل واحدة بسبابته: واحدْ الله، لا شريك له، ثلاثة، أربعة، خمسة، ستة، سبعة، ثمانية، تسعة، تسع قطط ضَرْبُ سبعة، تساوي.. تساوي.. وأخذ ينظر فوق كأن السماء بدأت تمطر وهو يعد على أصابعه كمن يسبّح بعد الصلاة، ثم حين خلص إلى نتيجة قال: تساوي أ سيدي واحد وستين، لا، ثلاثة وستين، نعم، ثلاثة وستين. حمل خنشة التسول على ظهره ونظر إلي باهتمام وقال قبل أن ينصرف: هل رأيت؟ تبدو تسع قطط فقط، لكنها في حقيقة الأمر ثلاثة وستون قطة بالتمام والكمال. ذهب جارا حذاءه السميك في قدمه في هيأة صندل، ليتسول بالأدعية السحرية في الجانب الآخر من الحي. بقيت أحدق في القطط، أعدّها مثله مشيرا بإصبعي في اتجاه كل قطة، ثم أعود إلى عدها من جديد مرارا حتى أصل إلى الرقم ثلاثة وستين.
في الليل، حين اضطجعت في فراشي لأنام، حاولت إعادة عدها في خيالي: واحدْ الله، لا شريك له، ثلاثة، أربعة، خمسة، ستة، سبعة، ثمانية، تسعة، عشرة، أحد عشر، مشيرا بسبابتي في اتجاه السقف.. حين بلغت العدد: خمسة وثلاثين، توقفت، اكتشفت أن هناك خطأ لم ينتبه إليه المتسول، إذ أننا لا نعرف كم مرة ماتت تلك القطط، وكم روحا ما زال بإمكانها الحياة بها، إذن لن نستطيع أبدا أن نعرف عددها الحقيقي. قررت أن أكمن للمتسول في الغد لأسأله.
كنت ألعب بدق حجر على الطوار حين سمعت صوته قادما من بعيد في هدوء الصباح يستعطف المارة والناسَ في بيوتهم بالأدعية الشجية ليعطوه مالا وأكلا وأقمشة قديمة. ركضت في اتجاهه، أخبرته بخطئه في العد، وباستحالة عد القطط عدا صحيحا. وقف حائرا لحظة ثم قال: معك حق، أنت ولد شاطر، لكن، رغم ذلك يمكننا عد القطط. نظرت إليه باستفهام شديد فأجاب قبل أن أسأل: الأمر سهل، نقتل كل قطة لنرى كم مرة ستموت وكم مرة ستحيى، تعالى معي. ترك التسول واتجه صوب المزبلة التي في نهاية الترعة وأنا أتبعه كقط. حين بلغنا المكان الذي تتخذه القطط المتشردة مسكنا غير قار، أخرج من الخنشة عظام دجاج جافة وأخذ يبسبس للقطط، خرجت بسرعة من الصناديق ومن خلف الركام وتجمعت حولنا، ألقى لها عظام الدجاج بعد أن بللها بسائل صبه فوقها من قنينة، أعاد القنينة إلى قب جلبابه، وقال لي: لقد وضعت لها بعض السم في العظام، لنعدّها، اجلس وعُدّ معي.
قلت ذلك لعجوز متسول كان يطعم قطط الحيّ المتشردة من غنيمة التسول، قلت له إن للقطة روحا واحدة واستدللت أمامه على ذلك بما حدث لقطة جدتي. رفض ادعاءاتي وانحنى ليضع سردينة صغيرة مقلية أمام قطة صغيرة لم تترك لها القطط الكبيرة فرصة للأكل، وهو يقول بصوت واثق: لقطة جدتك سبعة أرواح كباقي القطط، كل ما هنالك هو أنها ماتت ست مرات وعادت إلى الحياة ست مرات قبل أن تصدمها الشاحنة، كانت المرة السابعة هي تلك، تحت عجلات الشاحنة، لذلك لم تنهض. نهض وعَدّ القطط بصوت مرتفع مشيرا إلى كل واحدة بسبابته: واحدْ الله، لا شريك له، ثلاثة، أربعة، خمسة، ستة، سبعة، ثمانية، تسعة، تسع قطط ضَرْبُ سبعة، تساوي.. تساوي.. وأخذ ينظر فوق كأن السماء بدأت تمطر وهو يعد على أصابعه كمن يسبّح بعد الصلاة، ثم حين خلص إلى نتيجة قال: تساوي أ سيدي واحد وستين، لا، ثلاثة وستين، نعم، ثلاثة وستين. حمل خنشة التسول على ظهره ونظر إلي باهتمام وقال قبل أن ينصرف: هل رأيت؟ تبدو تسع قطط فقط، لكنها في حقيقة الأمر ثلاثة وستون قطة بالتمام والكمال. ذهب جارا حذاءه السميك في قدمه في هيأة صندل، ليتسول بالأدعية السحرية في الجانب الآخر من الحي. بقيت أحدق في القطط، أعدّها مثله مشيرا بإصبعي في اتجاه كل قطة، ثم أعود إلى عدها من جديد مرارا حتى أصل إلى الرقم ثلاثة وستين.
في الليل، حين اضطجعت في فراشي لأنام، حاولت إعادة عدها في خيالي: واحدْ الله، لا شريك له، ثلاثة، أربعة، خمسة، ستة، سبعة، ثمانية، تسعة، عشرة، أحد عشر، مشيرا بسبابتي في اتجاه السقف.. حين بلغت العدد: خمسة وثلاثين، توقفت، اكتشفت أن هناك خطأ لم ينتبه إليه المتسول، إذ أننا لا نعرف كم مرة ماتت تلك القطط، وكم روحا ما زال بإمكانها الحياة بها، إذن لن نستطيع أبدا أن نعرف عددها الحقيقي. قررت أن أكمن للمتسول في الغد لأسأله.
كنت ألعب بدق حجر على الطوار حين سمعت صوته قادما من بعيد في هدوء الصباح يستعطف المارة والناسَ في بيوتهم بالأدعية الشجية ليعطوه مالا وأكلا وأقمشة قديمة. ركضت في اتجاهه، أخبرته بخطئه في العد، وباستحالة عد القطط عدا صحيحا. وقف حائرا لحظة ثم قال: معك حق، أنت ولد شاطر، لكن، رغم ذلك يمكننا عد القطط. نظرت إليه باستفهام شديد فأجاب قبل أن أسأل: الأمر سهل، نقتل كل قطة لنرى كم مرة ستموت وكم مرة ستحيى، تعالى معي. ترك التسول واتجه صوب المزبلة التي في نهاية الترعة وأنا أتبعه كقط. حين بلغنا المكان الذي تتخذه القطط المتشردة مسكنا غير قار، أخرج من الخنشة عظام دجاج جافة وأخذ يبسبس للقطط، خرجت بسرعة من الصناديق ومن خلف الركام وتجمعت حولنا، ألقى لها عظام الدجاج بعد أن بللها بسائل صبه فوقها من قنينة، أعاد القنينة إلى قب جلبابه، وقال لي: لقد وضعت لها بعض السم في العظام، لنعدّها، اجلس وعُدّ معي.