ما يهمني أكثر، هو التفاصيل. أما الأفكار فلا تهمني كثيرا، لأن لا شيء يقنعني، على الإطلاق. حين أجد نصا سرديا مبنيا على أفكار أكتشف بسرعة كم هو فقير، قد يبدو للبعض نصا عظيما لأنه يناقش أفكارا عظيمة، لكن العظمة بالنسبة لي تكمن في التفاصيل غير العظيمة، التفاصيل المنسية الصغيرة والفقيرة، التي لا يمسك بها الوعي أبدا، بقدر ما تظل عالقة بحزن وإهمال في الذاكرة. أفضل قصة قصيرة عن بطيخة باردة مقطعة بالسكين إلى قطع شبيهة بالزوارق، أن أصف تناسق اللون الأحمر القاني مع سواد البذور مع الخضرة الخفيفة الداكنة للقشرة المخططة بالأبيض والأخضر، أن أصف تلك الخطوط بدقة، تلك الخطوط البيضاء الشبيهة بمسارب هانئة بين الحقول البعيدة الخضراء، أفضل ذلك على كتابة قصة فلسفية عن مصير الإنسان. كل الأفكار التي كتبت والأفكار التي ستكتب عن مصير الإنسان لا تقنعني بشيء، أما طعم البطيخة الحلو والبارد في نص قصصي قصير ودائري فيقنعني بصمت ولذة وسعادة، يقنعني بحلاوة اللحظة، وعمقها الفلسفي اللامتناهي، الذي لن تستطيع الأفكار إدراكه.
