الرئيسية » » تمارين البرد في بلاد الشمال | كوثر أبو هاني

تمارين البرد في بلاد الشمال | كوثر أبو هاني

Written By Lyly on السبت، 21 مارس 2015 | 5:37 ص

كل يوم أتدرب على البرد. في اليوم الأول كانت درجة الحرارة  C°2. لم أكن أعرف أن ثمة جهاز ترمومتر رقمي موضوع عند الشباك في المطبخ. عرفت درجة الحرارة من خلال أصدقائي، كنا نمشي في الشارع و نرتجف جميعا، و نصيح معا ‘بلادنا أدفأ بكثير’. كنت أرتدي فقط قميص و جاكيت خفيف. في اليوم التالي كان مكتوب على الترمومتر أن درجة الحرارة  C°5! قلت في نفسي يكفي أن أرتدي قميص و بلوزة و جاكيت. و عندما خرجت شعرت بالبرد الشديد، و لم تكن ملابسي كافية. في اليوم الثالث كانت درجة الحرارة C°7, ارتديت قميص و بلوزة و بلوزة صوفية أخرى و جاكيت، و لكن لم تكن ملابسي دافئة!. في اليوم الرابع، نظرت من خلال الشباك إلى البحيرة القريبة من بيتي، و رأيت أن المياه هناك تتحول تدريجيا إلى اللون الأحمر، أدركت بسرعة أن الأشجار بدأت ترسل أوراقها الخريفية إلى البحيرة و تصبغ الأماكن بلون الخريف.. فكرت أن اليوم سيكون جميلا و يجب علي أن أخرج بملابس عادية كي أتعود على البرد، و بالفعل خرجت بقميص و جاكيت فقط، كانت درجة الحرارة C°5 ، ما أن خطوت بضع خطوات في الشارع حتى بدأت أرتجف، ركضت مسرعة إلى محطة القطار لأنها أقل بردا من الشارع. في القطار أقنعت نفسي بأن الجو عادي، و البرد فكرة مسبقة يصنعها لنا مصممو الأزياء كي نشعر بالحاجة إلى الدفء و نشتري ملابسهم الثقيلة. و لكن أبدا لم أتدرب على البرد.

دائما في طريقي إلى البيت, يتغير شيء بي, يخفّ البرد قليلا, و أجد وقتا سخيفا لمشاهدة الناس الذين ينتظرون معي القطار, معظمهم لا يكترثون لدرجات الحرارة المنخفضة, ملابسهم غير جيدة, أقصد ليست دافئة, لا يرتجفون, أسنانهم و أقدامهم ثابتة, عيونهم تتأمل سكة الحديد أو النقطة البعيدة آخر النفق, حتى إذا سمعوا صوت القطار, يتأهبون و يصعدون بهدوء مأخوذ من رواية مملة.. و من بينهم جميعا يمكنني تمييز العرب جيدا, الوجوه القلقة, المحادثات الهاتفية بلهجات مختلفة حول سعر ايجارات الشقق السكنية و مساعدات الحكومة.. و الأهم من كل ذلك, الملابس الثقيلة.. إنه البرد, أينما يذهب العربي, يواجه بردا ما.


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.