الرئيسية » » نصف جوال من الدقيق | شروق عاصي

نصف جوال من الدقيق | شروق عاصي

Written By Unknown on الثلاثاء، 30 يونيو 2015 | 8:52 م

بعد عناء شهر كامل إستطاعت الجدة العجوز أن تتحصل على مايكفى من المال لشراء نصف جوال من الدقيق لتصنع به الخبز والعصيدة لأطفالها الخمسة. لم تنم الجدة ليلتها بل ظلت مستيقظة طوال الليل فى فراشها ممسكة بالمال فى كلتا يديها وضاغطة عليه بقوة حتى كاد أن يذوب خشية من أن يأتى لص ويسرقه.ولم تكد الشمس تشرق فى الصباح حتى أيقظت الجدة أطفالها،غسلت لهم وجوههم وأخبرتهم إنها ذاهبة لشراء شى ما. ورغم إنه لم يكن من عادة الجدة تمنيتهم بشىء حتى لاترى أسى فوق الأسى موجودا فى عيونهم فإنها لم تر مانع هذه المرة من إخبارهم بإنها ستشترى نصف جوال من الدقيق لتصنع لهم الخبز والعصيدة عندما ألحوا فى السؤال. وماالمانع من إخبارهم؟! فالمال فى يديها والمحل قريب.
جلست الجدة أمام المحل ساعتين حتى فتح أبوابه وهى لاتزال ضاغطة بقوة على المال فى يديها بينما ذاب حلم الخبز والعصيدة فى رؤوس الأطفال وهم يلعبون وتتعفر وجوههم بالتراب فى هذا اليوم شديد الحرارة ولكنهم لم يلبثوا أن رأوا الجدة على الجانب الأخر من الطريق ومعها نصف جوال الدقيق حتى ركضوا إليها مسرعين وحلم الطعام يتقافز فى أذهانهم. أشارت لهم الجدة بأن يبقوا على الجانب الأخر من الطريق خشية أن تصدمهم سيارة مارة فوقفوا متضامين إلى بعضهم البعض لاتفرق بين أجسادهم النحيلة والطفلة الصغرى تشير بيدها إلى الجدة التى وقفت منتظرة أن تتأكد من خلو الشارع من السيارات.ثم /حتى مرت بجانبها فتاة لطيفة عرضت عليها المساعدة فرفضت الجدة من باب الذوق ألحت الفتاة وحملت نصف جوال الدقيق عابرة به الشارع والجدة خلفها بخطوة واحدة ولازال الأطفال متضامين مبتسمين تحت هذه الشمس الحارة. ولم يعرف أحد من أين ظهرت هذه السيارة المسرعة؟! أو لعلها لم تظهر بل كانت قادمة فى طريقها بثبات منذ البداية ولكن حلم الخبز والعصيدة أعماهم عنها جميعا. رفعت السيارة الفتاة اللطيفة وهى حاملة نصف جوال الدقيق لأعلى لتستلمهما الجاذبية خافضة إياهما لأسفل بقوة وسرعة فينفجر نصف جوال الدقيق وتتطاير حباته فى الأرجاء وينساب خيط دم من الفتاة اللطيفة إليه فى ثبات وتصميم ليعجن ماتبقى منه بالدم. وقفت الجدة فى مكانها مذهولة بينما بهتت وجوه الأطفال وهم يرون الخيط الأحمر وهو ينساب إلى أحلامهم ليلونها بلون الدم.


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.