جلوة المسك في
ثلاثة وجوه من مقام دنا
بقلم علي الدكروري
*********
ثلاثة وجوه من مقام دنا
بقلم علي الدكروري
*********
ربما يدخل سمير المنزلاوي في قصته (ثلاثة وجوه من مقام دنا ) جلوة
المسك ..شرب ماء من ماء الدنو ..وغاب لأنه هنا ..وهناك كانوا علي
موعد ..يغلقون الشمس حتي يري..ويفتحون النارلتخضر المكاشفة
قصة في ثلاثة وجوه ..وجه القمر ووجه بحري ووجه حبيبتي..يقول
ابن عطاء..الفكرة سراج القلب فاذا انطفئت انطفأ الفلب
ربما كان وجه القمر هو الفكر ووجه بحري هو الحياة والصخب
ووجه حبيبتي محاولة لاصطياد قارب شارد للنجاة ..مقام الدنو اذن
ليس حالا يتغير فالمقام لا يأتي الا بالعناء والمشقة
يرسم المنزلاوي لوحته الأولي في وجه القمر ..بحيرة ..ورجل يصطاد
وجده وقارب يتأرجح وقمر يرفض أن يشرب معه الشاي ويهز رأسه
ويغوص ..
هو كعادته مولع باصطياد الكلمات الرشيقة ..لا يستخدم خروف العطف
كثيرا ..سارد يبدع لهفة للقارئ ..وكثيرا ما تتسائل هل يكتب بلغة عامية
أم قصحي ؟ فهو بارع في اختيار الألفاظ السهلة التي تناسب الحكي ..
دائما يجلس علي شاطئ بحيرة التأمل ..والتأمل يصطاد حين تجلب شمس
المعرفة سماء البصيرة ..
(أنا الغزال ذبحوني من أجل المسك )..هكذا تردد البحيرة كلها .
وكأن الجمال يذبح من أجل المنغعة ..وكأن الكون قائم علي أشلاء كون .
.ويأتي الكائن الأبيض يسير علي الماء بينما لم تبتل قدماه
ويذكر له أسرار البلاد ..والكون ..مقام المكاشفة
تجسد الفكر فصار كائنا أبيض ..يمنحه السر ويلقي السلام علي
سيدي المرشدي المنفق من الكون .
.ولكن الصوت ليس في البحيرة فقط بل صعد الي الفنارالقديم
ذبحوني من أجل المسك ..الجمال مطارد في كل مكان من قبائل المنفعة .
.وفلسفة
الأشلاء
وفي وجه بحري يقتسم الخضر والنبي الياس بر مصر ..بينما كان السادة الذين
هجروا الخلوات يشيرون الي النهر فيهبط ويتراحع ..وكان لابد من اكمال وجه
الحياة والصخب ..فوزعت علي البلدان خططها ..وبعدها عاد السادة لمراقدهم
بينما يزورهم الناس في الموالد ..يأكلون الثريد واللحم ويرقصون ..ولا ينتصرون
للجمال ..ويرقصون علي ذبحوني من أجل المسك
في وجه حبيبتي لم يسبح القمر ..هنا فقط يخفق الفلب كأنه فراشة ..وحين تكف
الحبيبة عن الغناء تقفز سمكة وتقول لها ..بالله أكملي
ولكن الحبيبة تغني في النهاية نفس الأغنية ..الفكر والحياة والحبيبة برغم نقاء
السر والعلن .وبرغم ماء الروح الذي هزم موائد الجسد ..فالكل مذبوح من أجل
المصلحة لترقص الحياة علي جثث الجمال ..
يبقي الأثاث أشلاء أشجار ذبحت ..وان لم تغب نسبية الجمال عند العامة ..
بداية سمير المنزلاوي كشاعر ..أفادته كثيرا ..فهو يجيد اختيار الكلمات
وتوظيفها ..وهو بحكم ثقافته التي يحسد عليها ..يأخذه التأمل الي الفكرة
دائما يبحث عن جديد وبينما تعرف نصوصه جيدا الا أنه لايكرر نفسه
وذلك مايميز المبدع الحقيقي.
الولع بالصوفية يبدو دائما في نصوصه ..وحين يرتقي القلب بعد مجاهدة
يلمع الفكر ..ويدخل مقام الدنو
ماذا فعلت بنا ياسيدي المرشدي؟
ماذا فعلت بنا ياسيدي المرشدي
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&& بقلم ..علي الدكروري
المسك ..شرب ماء من ماء الدنو ..وغاب لأنه هنا ..وهناك كانوا علي
موعد ..يغلقون الشمس حتي يري..ويفتحون النارلتخضر المكاشفة
قصة في ثلاثة وجوه ..وجه القمر ووجه بحري ووجه حبيبتي..يقول
ابن عطاء..الفكرة سراج القلب فاذا انطفئت انطفأ الفلب
ربما كان وجه القمر هو الفكر ووجه بحري هو الحياة والصخب
ووجه حبيبتي محاولة لاصطياد قارب شارد للنجاة ..مقام الدنو اذن
ليس حالا يتغير فالمقام لا يأتي الا بالعناء والمشقة
يرسم المنزلاوي لوحته الأولي في وجه القمر ..بحيرة ..ورجل يصطاد
وجده وقارب يتأرجح وقمر يرفض أن يشرب معه الشاي ويهز رأسه
ويغوص ..
هو كعادته مولع باصطياد الكلمات الرشيقة ..لا يستخدم خروف العطف
كثيرا ..سارد يبدع لهفة للقارئ ..وكثيرا ما تتسائل هل يكتب بلغة عامية
أم قصحي ؟ فهو بارع في اختيار الألفاظ السهلة التي تناسب الحكي ..
دائما يجلس علي شاطئ بحيرة التأمل ..والتأمل يصطاد حين تجلب شمس
المعرفة سماء البصيرة ..
(أنا الغزال ذبحوني من أجل المسك )..هكذا تردد البحيرة كلها .
وكأن الجمال يذبح من أجل المنغعة ..وكأن الكون قائم علي أشلاء كون .
.ويأتي الكائن الأبيض يسير علي الماء بينما لم تبتل قدماه
ويذكر له أسرار البلاد ..والكون ..مقام المكاشفة
تجسد الفكر فصار كائنا أبيض ..يمنحه السر ويلقي السلام علي
سيدي المرشدي المنفق من الكون .
.ولكن الصوت ليس في البحيرة فقط بل صعد الي الفنارالقديم
ذبحوني من أجل المسك ..الجمال مطارد في كل مكان من قبائل المنفعة .
.وفلسفة
الأشلاء
وفي وجه بحري يقتسم الخضر والنبي الياس بر مصر ..بينما كان السادة الذين
هجروا الخلوات يشيرون الي النهر فيهبط ويتراحع ..وكان لابد من اكمال وجه
الحياة والصخب ..فوزعت علي البلدان خططها ..وبعدها عاد السادة لمراقدهم
بينما يزورهم الناس في الموالد ..يأكلون الثريد واللحم ويرقصون ..ولا ينتصرون
للجمال ..ويرقصون علي ذبحوني من أجل المسك
في وجه حبيبتي لم يسبح القمر ..هنا فقط يخفق الفلب كأنه فراشة ..وحين تكف
الحبيبة عن الغناء تقفز سمكة وتقول لها ..بالله أكملي
ولكن الحبيبة تغني في النهاية نفس الأغنية ..الفكر والحياة والحبيبة برغم نقاء
السر والعلن .وبرغم ماء الروح الذي هزم موائد الجسد ..فالكل مذبوح من أجل
المصلحة لترقص الحياة علي جثث الجمال ..
يبقي الأثاث أشلاء أشجار ذبحت ..وان لم تغب نسبية الجمال عند العامة ..
بداية سمير المنزلاوي كشاعر ..أفادته كثيرا ..فهو يجيد اختيار الكلمات
وتوظيفها ..وهو بحكم ثقافته التي يحسد عليها ..يأخذه التأمل الي الفكرة
دائما يبحث عن جديد وبينما تعرف نصوصه جيدا الا أنه لايكرر نفسه
وذلك مايميز المبدع الحقيقي.
الولع بالصوفية يبدو دائما في نصوصه ..وحين يرتقي القلب بعد مجاهدة
يلمع الفكر ..ويدخل مقام الدنو
ماذا فعلت بنا ياسيدي المرشدي؟
ماذا فعلت بنا ياسيدي المرشدي
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&& بقلم ..علي الدكروري
*******************
قصة
ثلاثة وجوه من مقام دنا
للأديب ..سمير المنزلاوي
وجه القمر
----------
كنت أصطاد وحدي في البحيرة و القارب يتأرجح ليبتليني بالنوم ، والمخلوقات تحتي تتسامر! قلت للقمر الذي يسبح بجواري : تعالى نشرب الشاي و نلعب الورق.
هز رأسه و غاص . فوق الماء المموج ثمة غناء ساحر، يسافر من بعيد و من قريب في آن ، هديل يبل حرارة القلب و يطلق الروح ترفرف كالحمامة حول الغمر.
أنا الغزال ذبحوني من أجل المسك!
البحيرة كلها ترد : أنا الغزال .
: تعالى!
: أنا الغزال .
كيان أبيض نحيل يسعى على اللجة .
: السلام عليكم.
: و عليكم السلام تفضل .
اعتمد على قدم واحدة رافعا الثانية ، هتفت : إنها جافة .
ابتسم ، قلت :
: سأشعل الموقد .
: عذرا ، لو كان لديك حساء القمح لأكلت معك .
من خارج القارب أمسك برسغي و جس نبضي و هو يتلو أسماء البلاد: مطوبس ، ابيانه ، بنى بكار ، عزبة عمرو ، ديبى ، رشيد ، ادكو ، منية المرشد.
حين وصل إلى الاسم الأخير لاحظ ارتفاع الضربات فقال:
- تحبها ؟
: نعم !
: نعم و لا ، و بينهما تضيع الرقاب . لقد رأيتها بركة يسكنها السمك ، ثم مفازة تقطعها الذئاب !
:أكرمني بشرب الشاي.
:جهز حساء ضيافتي! وسلم لي على سيدك محمد المرشدى.
ابتعد حتى صار طيفا ، و سمعت الغناء فوق الفنار القديم :
أنا الغزال ذبحوني من أجل المسك.
ورددت البحيرة كلها : أنا الغزال .
وجه بحري
------------
هو و النبي الياس اقتسما بر مصر بالحد و المصلحة ، في موسم الحج يتقابلان و يعتنقان :
: ماذا فعلت بالصعيد يا نبي الله؟
: خيرا ، الميرة كافية و القلوب آمنة ، فما بال وجه بحري؟
: تركته على ما تهوى!
سهر الليالي مع السادة، الذين غادروا الخلوات ليخفروا جسور النيل. كانوا يشيرون إلى النهر المزمجر فيهبط و يتراجع ! قالوا له : مولانا ، سئمنا الماء المهيمن ، فدعنا نقيم قرانا و مدننا و نكمل ملامح الوجه ، وزع عليهم خططهم : طنطا أسوارها حلوى و حمص و حب العزيز ، دسوق كلابها غنم ووحوشها بقر و ابل و حمر أهلية، كفر الشيخ طرحها حبوب،و سمك، دواجنها بط و إوز و ماعز، ادفينا،أحراشها نخل و أرضها بساتين للبرتقال و اليوسفي و النارنج! دمياط ، بيوتها خانات و أهلها صناع ، تصب فيها الأموال صبا و لا يدركها الخراب إلى قيام الساعة..... . منذ ذلك اليوم تعلم البحراوية تجفيف المستنقعات ، و زراعة الأرز ، و تختيم الجميز على شجره ، و صيد السمك بالجوابى ، و طحن الحبوب في القدح و فض البكارة بالأيور!
عاد كل إلى مرقده، لكن الناس يأكلون الثريد و اللحم ، و يرقصون عندهم في المواسم :
أنا الغزال ذبحوني من أجل المسك.
أنا الغزال.
وجه حبيبتي
------------
وحدي في البحيرة ، و المخلوقات تتسامر، فوجئت به يريني قدميه الجافتين ، أشعلت الموقد لأطبخ حساءه قال:
-أكثر الماء فربما يأتيك ضيف!
جلس مادا قدميه في القارب ، لم يسبح القمرو كان الظلام يمرح في الفراغ الممتد ، وميض يبرق من بعيد كأن فراشة تسرع نحونا ، قال : ليلى !
وقفت بعيدا و خفضت رأسها قال :
تعالى ، هذا الذي اخترته لك .
تركنا و مضى ، و لم يشرب حساء القمح . جلست تعد الطعام و قالت بصوت أعذب من دعاء الكروان : سيدي أنا جاريتك ، و طوع بنانك .
تواجدت و قمت أصيح و ما ثم خبر عن نفسي ، و قفزت سمكة تقول : بالله أكملي !
أغمضت ، و اعتصمت بالصمت ، و ازداد هيامي ، و أخرجت الدواب رؤوسها و في فم كل منها جوهرة تعشى الأبصار ولا تقدر بمال .
: هذه دوطتى!
: أنت منية القلب ، فهل تخمدين النار بين جوانحي و تصفين بلسان القدرة حسنك و بهاءك ، حيث عجزت الحواس الضعيفة. اعتدلت و قالت بلسان فصيح بينما يتضوع منها أطيب ريح : أنا أترجة الندى ، و سليلة الكروم ، عيناى لؤلؤتان تتوهجان بحبك وكلما اقتربتا من الانصهار تدركهما رحمتك . وجنتاي روضتان من ورد يسقيان بماء حياتك،أنفى ثمرة سدر مسكونة بعطرك منذ خلقت الأرض. فمي ضفتان من شوق مستعر ، جسمي أدخره لك فلا تفض الخاتم إلا أن يتوسل اليك!
بدأ القمر يسبح ، لم أكلمه غيرة على ليلى ،و حتى لا ياتى ليلعب الورق . فابتسم و أدار وجهه.
قلت : متى الوصال يا عزيزة المنال ؟
قالت : لابد منه ، لكن دعنى قبل ذلك أغنى لك .
: حبا و كرمة .
انساب صوتها ، نفس الصوت الذي كان يسكرني و يسكر المحجوبين بالظلام :
أنا الغزال ذبحونى من أجل المسك.
ورددت البحيرة كلها :
أنا الغزال.
قصة
ثلاثة وجوه من مقام دنا
للأديب ..سمير المنزلاوي
وجه القمر
----------
كنت أصطاد وحدي في البحيرة و القارب يتأرجح ليبتليني بالنوم ، والمخلوقات تحتي تتسامر! قلت للقمر الذي يسبح بجواري : تعالى نشرب الشاي و نلعب الورق.
هز رأسه و غاص . فوق الماء المموج ثمة غناء ساحر، يسافر من بعيد و من قريب في آن ، هديل يبل حرارة القلب و يطلق الروح ترفرف كالحمامة حول الغمر.
أنا الغزال ذبحوني من أجل المسك!
البحيرة كلها ترد : أنا الغزال .
: تعالى!
: أنا الغزال .
كيان أبيض نحيل يسعى على اللجة .
: السلام عليكم.
: و عليكم السلام تفضل .
اعتمد على قدم واحدة رافعا الثانية ، هتفت : إنها جافة .
ابتسم ، قلت :
: سأشعل الموقد .
: عذرا ، لو كان لديك حساء القمح لأكلت معك .
من خارج القارب أمسك برسغي و جس نبضي و هو يتلو أسماء البلاد: مطوبس ، ابيانه ، بنى بكار ، عزبة عمرو ، ديبى ، رشيد ، ادكو ، منية المرشد.
حين وصل إلى الاسم الأخير لاحظ ارتفاع الضربات فقال:
- تحبها ؟
: نعم !
: نعم و لا ، و بينهما تضيع الرقاب . لقد رأيتها بركة يسكنها السمك ، ثم مفازة تقطعها الذئاب !
:أكرمني بشرب الشاي.
:جهز حساء ضيافتي! وسلم لي على سيدك محمد المرشدى.
ابتعد حتى صار طيفا ، و سمعت الغناء فوق الفنار القديم :
أنا الغزال ذبحوني من أجل المسك.
ورددت البحيرة كلها : أنا الغزال .
وجه بحري
------------
هو و النبي الياس اقتسما بر مصر بالحد و المصلحة ، في موسم الحج يتقابلان و يعتنقان :
: ماذا فعلت بالصعيد يا نبي الله؟
: خيرا ، الميرة كافية و القلوب آمنة ، فما بال وجه بحري؟
: تركته على ما تهوى!
سهر الليالي مع السادة، الذين غادروا الخلوات ليخفروا جسور النيل. كانوا يشيرون إلى النهر المزمجر فيهبط و يتراجع ! قالوا له : مولانا ، سئمنا الماء المهيمن ، فدعنا نقيم قرانا و مدننا و نكمل ملامح الوجه ، وزع عليهم خططهم : طنطا أسوارها حلوى و حمص و حب العزيز ، دسوق كلابها غنم ووحوشها بقر و ابل و حمر أهلية، كفر الشيخ طرحها حبوب،و سمك، دواجنها بط و إوز و ماعز، ادفينا،أحراشها نخل و أرضها بساتين للبرتقال و اليوسفي و النارنج! دمياط ، بيوتها خانات و أهلها صناع ، تصب فيها الأموال صبا و لا يدركها الخراب إلى قيام الساعة..... . منذ ذلك اليوم تعلم البحراوية تجفيف المستنقعات ، و زراعة الأرز ، و تختيم الجميز على شجره ، و صيد السمك بالجوابى ، و طحن الحبوب في القدح و فض البكارة بالأيور!
عاد كل إلى مرقده، لكن الناس يأكلون الثريد و اللحم ، و يرقصون عندهم في المواسم :
أنا الغزال ذبحوني من أجل المسك.
أنا الغزال.
وجه حبيبتي
------------
وحدي في البحيرة ، و المخلوقات تتسامر، فوجئت به يريني قدميه الجافتين ، أشعلت الموقد لأطبخ حساءه قال:
-أكثر الماء فربما يأتيك ضيف!
جلس مادا قدميه في القارب ، لم يسبح القمرو كان الظلام يمرح في الفراغ الممتد ، وميض يبرق من بعيد كأن فراشة تسرع نحونا ، قال : ليلى !
وقفت بعيدا و خفضت رأسها قال :
تعالى ، هذا الذي اخترته لك .
تركنا و مضى ، و لم يشرب حساء القمح . جلست تعد الطعام و قالت بصوت أعذب من دعاء الكروان : سيدي أنا جاريتك ، و طوع بنانك .
تواجدت و قمت أصيح و ما ثم خبر عن نفسي ، و قفزت سمكة تقول : بالله أكملي !
أغمضت ، و اعتصمت بالصمت ، و ازداد هيامي ، و أخرجت الدواب رؤوسها و في فم كل منها جوهرة تعشى الأبصار ولا تقدر بمال .
: هذه دوطتى!
: أنت منية القلب ، فهل تخمدين النار بين جوانحي و تصفين بلسان القدرة حسنك و بهاءك ، حيث عجزت الحواس الضعيفة. اعتدلت و قالت بلسان فصيح بينما يتضوع منها أطيب ريح : أنا أترجة الندى ، و سليلة الكروم ، عيناى لؤلؤتان تتوهجان بحبك وكلما اقتربتا من الانصهار تدركهما رحمتك . وجنتاي روضتان من ورد يسقيان بماء حياتك،أنفى ثمرة سدر مسكونة بعطرك منذ خلقت الأرض. فمي ضفتان من شوق مستعر ، جسمي أدخره لك فلا تفض الخاتم إلا أن يتوسل اليك!
بدأ القمر يسبح ، لم أكلمه غيرة على ليلى ،و حتى لا ياتى ليلعب الورق . فابتسم و أدار وجهه.
قلت : متى الوصال يا عزيزة المنال ؟
قالت : لابد منه ، لكن دعنى قبل ذلك أغنى لك .
: حبا و كرمة .
انساب صوتها ، نفس الصوت الذي كان يسكرني و يسكر المحجوبين بالظلام :
أنا الغزال ذبحونى من أجل المسك.
ورددت البحيرة كلها :
أنا الغزال.