ما يدعو إلى التساؤل، هو كيف عزمنا على الرحيل، على رغم آليات المخاطرة التي التحفت بها أقدامنا. لعل من باب المزاح أو النكد أو الفوبيا - لا أعلم ما الذي يحصل في جوفي – أن أتحدث عمّا انتابني أثناء سيري في تلك القطعة المحرمة التي تشبه وعاء جهنم، وهو الشعور بأنك تسير فوق موتك.
نتعمد المخاطرة، وهذا هو الميتا شعر، الذي نقدّمه على طبق من الصورة أمام أعين الناظرين عبر فضاء الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل. تيبست شفتاي لحظة قراءتي النص، كوني أعلم جيداً أن موتي، هو ما أنا متجه إليه. ليس عصياً على الذكر أن أهم المبادئ التي تسلحت بها أولا وأخيراً، أني شاعر، وأني لا أزال أمارس هذا الرمق الساري في عروقي.
في فترة ما، أخبرني والدي كيف تعمل الألغام، وكنت دائماً اعتبر الأمر محض لعبة، وأن ذلك ليس سوى افتراضات لا تدخل ضمن مضمار كوني شاعراً. أخبرني أيضاً عن محاولته الأولى ابان الحرب العراقية – الايرانية، عندما وضع قدمه بإرادته على ذلك "اللغم البتّار"، الذي وظيفته، كما أخبرني، بتر مقدمة القدم وليس الساق كلها، فيؤدي ذلك الى تناثر الجسد. لحسن حظّه، خرج من لعبة الحرب سالماً من دون أي إصابة. كانت الغاية من وضع قدمه على هذا النوع من الألغام، أن يتم تسريحه من الجيش.
لعلني، عندما كنت أسمع هذا الوابل من الكلام المترامي والمتشبث بطراف ذاكرتي، أحسّ بمدى الألم الذي كان يقاسيه من قطع ساقه أو قدمه. هذا الهجس ذو الفؤاد المتورم، جراء نكبات الحرب الرعناء، ظل المسيطر المهمّ والدافع الرئيسي لبيان الأزمة التي تمثلتُها وأنا أجد ذاتي في حقل الألغام. لحظات، ثمّ أنزعُ طبع الذاكراتية من رأسي، لتصبح الألغام هويتي، التي الآن أنا أسير بها. ثمّ شاطرني الجميع شعور الخوف والريبة نفسه، جراء وجود أسيجة "خطر"، لمنع دخول الانسان. ما أخبرني به كاظم، حول وجود ربع ألغام العالم في العراق، أهاج شجوني، وشجّعني على أن ألتحف بالخوف وأتصيد الموت.
وجدتُ نفسي قنّاصا يلتقطُ الألغام ولا تلتقطه، مؤتزراً بمعلوماتي جميعا في ذاك اللابتوب، كونه يحمل كل ما لي في هذا الوجود. ما أردتُ قوله، أن اللغم واللابتوب وجهان لعقل الكتروني واحد، الا أن فروق هذا العطاء جاءت متباينة وعكس فلذات أكباد الالكترون.
شاركني في هذا الفعل كل من: مازن المعموري، كاظم خنجر، علي تاج الدين، أحمد جبور، محمد كريم، حسن الحمراني، زيد فلاح.