هناك عند المنعطف
صعدت السلم بتؤدة . انينه الخشبى العتيق ارتطم بجدران المنزل و ارتد لى مانحاَ شعوراَ بالألفة . ادرت المفتاح فى الباب . الطرقة الطويلة و بجوارها البوفية الكبير . القيت عليه التحية و أنا امر بجواره متحاشياَ النظر اليه . تذكرت اننى خرجت دون أن احييه . مددت نظرى للمطبخ القابع فى آخر الطرقة بنوع من الحرج . فكرت أننى لابد و أن ارجع لعادتى القديمة بألقاء السلام بصوت عال على اصدقائى كلهم فى الدخول و الخروج ، لا أن اكررها بصوت خفيض خاصاً كل صديق بتحية . هذا سيجنبنى أية سورة غضب محتملة مثلما يعاملنى البوفية الآن . ربتت على الفوتية و همست له أن يتجلد . جروحه كثيرة و لحمه متدل خارجها ، يقف عليه الذباب و الناموس و مع ذلك يتحملنى بوفاء صديق حقيقى . فى مرة انبت نفسى على تلك القسوة التى اعامله بها ، فقررت أن اعالجه بنفسى . حاولت تثبيت الضمادات على جسده ، إلا ان ذعرى من تألمه المكبوت منعنى من تخييط جرحه بصورة صحيحة . اقتنعت بوجوب عرضه على طبيب . ربت عليه ثانية وطمأنته بأننى سأفعلها بمجرد الحصول على المعاش . مددت ساقىَ شاعراً بحلاوة الراحة بعد التعب . اختار لى التليفزيون قناة مملة . جاهدت لإخفاء مللى منها لكيلا اضايقه . اتى إلىَ المطبخ و سألنى أن كنت اريد أن آكل . شعرت بالسعادة لأنه جدد عادة هجرها يوماً بأكمله و شكرته . لا أشعر بالجوع الآن . شردت ببصرى و تساءلت أن كان غلطتى غير المقصودة سببا فى مزيد من السعادة؟ لكننى سرعان ما نفضت افكارى السيئة و نظرت إلى وجه التليفزيون الطيب و بدأت اؤنب نفسى ثانية . هم يفعلون كل شىء من اجلى و أنا اتململ و اشكو . ما بال القناة؟ انها رائعة ! يكفى انه يتعب هكذا لإرضائى . نادانى سريرى بحزم ، اعتدلت مبتسماً و تردد صوت خبيث فى داخلى بأنه انقذنى من ورطة التليفزيون . أنا لا اريد اغضاب السرير ايضا على أية حال . مسدت المنضدة التى ارقدت رأسها على قدميها الأماميتين فتثاءبت و تمطعت فى عصبية مليئة بالدعة . فعلتها و القيت السلام عليهم جميعاً بصوت عال . نعم . تصبحون على خير . فى الباكر يوم حافل أن شاء الله .
...............................
من مجموعة "الضفة الاخرى"/ هيئة قصور الثقافة، ٢٠٠٣.
كتبت في العام ٢٠٠٠