ضربةُ احتلالٍ ناجحة في معركة الثقافة
لحيدر العبادي أن يتباهى أمام أسياده بأنه الأكثرُ طاعةً ووفاءً ، وأن يتباهى أمام الحثالة السياسية التي في الواجهة بأنه يحظى من لدُنِ أسياده الأميركان بالتأييد المطْلق ، مسانَدةً ، وقذْفَ قنابل .
بل لقد فاق حتى تصوّرات الأسياد ، في الخراب الثقافي ، بأن أوكلَ وزارة الثقافة إلى فرياد ( أهذا هو اسمه ؟ ) راوندوزي .
ليس لي من موقف شخصيّ إزاء الرجلِ ، فأنا لا أعرفه ، وهو لا يعرفني (مشكوراً ) بأيّ حال .
كما أن من سبقاه في وزارة الثقافة تحت الاحتلال ، ليسا أكثر رداءةً منه ، إذ لم يكونا مُمارسَي ثقافة بإطلاق ، شأنهما شأنه.
لكنّ ما حفّزَني على التعليق ، هو أن ما يجري في الساحة الثقافية ، من تدميرٍ واستهانةٍ ، يتطابقُ تماماً والمسارَ التقليدي للعلاقة بين المستعمِر والمستعمَر .
يرى فرانز فانون أن المستعمِر يريد تدمير الثقافة الوطنية ( الجوانب المتقدمة منها ) ويدفعُ إلى الواجهةِ الجوانبَ المتخلفةَ منها
مثل الطقوس القبيحة ، والخرافة ، والسحر والشعبذة ... إلخ .
كما أن هذا المستعمِر ، كما يرى ألبير مامي ، يحْرِم المستعمَر من التمتع بالحقوق التي تفرضُها قوانين المتروبول ، إذ أن هذا التمتّع يعني الاعتراف بأن المستعمَر هو ليس في مرتبةٍ أدنى من الناس في بلد المتروبول .
وهكذا نُصِح حيدر العبادي بأن يتولّى وزارة الثقافة ، شخصٌ كُرديٌّ مجهولٌ ، في بلدٍ ذي ثقافةٍ عربيةٍ عريقة شكّلَتْ ضميرَ أُمّةٍ على مدى العصور.
قد لا يدرك حيدر العبادي فداحةَ ما فعَلَ .
فهو يبدو ، غبيّاً ، على أي حال !
لندن 10.09.2014