مثلما لا يتكبر المطر أن يصل إلى حقل الفقير الأبكم، وأن يغسل سترة اللص، والشعاع لا يتعالى أن يضيء أيام الذين لا يملكون بيوتا ولا مصابيح، لا يتكبر الشعر الحقيقي، أن يمشي مع المياه في المزاريب، وأن يأتي كل صباح فوق المدن والقرى مع الأشعة.
الماء الحقيقي يظل ماء شفافا حتى في الوديان الموحلة، بلمسة دفء صغيرة يتبخر، منعزلا عن الأوحال، والأشعة مهما شاعت بين الناس، مهما رآها الجميع وأمسكوها بأهدابهم، رغم ذلك، يظل الشعاع كل مرة جديدا، ساحرا، قادما من عالم آخر: هكذا هي دروس الشعر القاسية، التي تعلمنا حكمة المشي على أوراق الشجر، دون كسرها، جاذبة آذاننا - من أجل الانتباه - بلسعة الريح.