الرئيسية » » نبؤة | لمياء محمود

نبؤة | لمياء محمود

Written By هشام الصباحي on الأحد، 25 يناير 2015 | 5:13 ص

تنبأت العرافة ، أو الساحرة الطيبة _ كما تحب هي أن نطلق عليها _ بقدومك قبل ظهورك بعامين .. أخبرتني عن امرأتان سيقفان بين اكتمالنا ، وعلي أن اقنع إحداهن أو أموت ، وكان للموت دور البطولة يا يوسف !
كان علي أن أموت بطريقتي وحدي .. فقط لأعلن عن اختلافي المحبب واللاذع ..
هل قبلت عزائي يا يوسف؟! .. هل سرت بجنازتي ، وحملت نعشي؟! .. هل كان خفيفاً كنعوش الشهداء .. هل تعجب الناس من خفته وسرعة وصوله
هل أكرمتني بدفني ، أم أنك لم تصدق موتي وجلست بجانبي تطالبني بالعودة من بين ذيل ثعبان أقرع ؟!
إنكَ لا تحيي الموتى يا يوسف ، ليست تلك معجزتك ..
وحدك اعترفت أنك لا تقوى إلا على تفسير حلمين ، حلمين لست أحدهما ، ووحدي اعترفت أن سري الثالث هو أنتَ ! .. كان عليك أن تفسر حلمين وعلـي أن احتفظ بسري الثالث دون بوح!
وحدك ، ووحدي دائماً
اتحمل من العالم ما لا طاقة لي به ، وما لم استطع عليهِ فهماً ..
لا تخذلني بصداقاتِك الجديدة يا يوسف .. كٌن متحيزاً لي وحدي كما اعتدت عليك دائماَ .. لا تخذلني ، فعالمي لم يعد يحتمل مزيداَ من الخذلان.
أنا حزينة للغاية يا يوسف!
العالم مليء بمن يعتقدون أنفسهم أبطال في أفلام وينسجون حكايات خيالية لتعطيهم بريقاً وتميزاً غير حقيقي بالمرة .. لمعة زائفة كلمعة الفالصو
الألماظ لمعته أقل خفوتاً دائماً .. مثلاً هناك تلك الفتاة التي تجمع من كل شخص ومن كل فيلم حدوتة لتصنع منهم حياتها الخاصة
اعتقد أنها مثلاً حينما رأت فيلم رسائل البحر وسمعت "بيسة" تتحدث عن حبها الأول واهتزاز غيطان القمح الذي أسفر عن طيران فراشات عديدة ملونة فـِ الهواء .. أصبحت تخبر الفتاة الناس بعد ذلك أنها كلما كانت سعيدة كلما رأت فراشة ملونة أمامها وكأن الفراشات تتبعها أينما سارت والبشر ضعفاء الذاكرة يا يوسف لن يتذكروا "بيسة" وحكايتها .. البشر يعشقون الأبطال الأسطورية فلم ير أحد فـي الفيلم غير يحيى ونورا على تعقيدهم ونسوا "بيسة" .. لذلك ربما يرتبط أسم تلك الفتاة التي احكي لك عنها بالفراشات ولا أحد يذكر الفراشة الحقيقية
هل تذكر يا يوسف حينما ارتديت أنا ذلك المعطف الأحمر وفاجئتني أنتَ بارتدائك لمعطفك الرمادي الذي يشبه معطف يحيى برسائل البحر .. كما لو أننا قررنا أن نتركنا خلفنا هذا اليوم وأصبحنا هم ، ولكن دور نورا المومس ذات التجارب والخبرة بالحياة .. المومس العفيفة لم يكن يليق بي .. كان الأقرب لي هو يحيى ذلك الفتى الذي يتعرف على الدنيا من خلالها ومن خلال حكاياتها عن علاقات لم تحدث ، ولأن المبادلة كانت صعبة أصبح علينا يا يوسف أن نتمسك بشخصينا .. ونصنع فيلمنا الخاص
فـِ البداية ربما ظننته أنا فيلماً كلاسيكياً سينتهي بزواج البطل والبطلة والقبلة الأولى بينهم تصاحبها كلمة النهاية بالفرنسية .. إلا أنك كنت أكثر طموحاً مني يا يوسف أردتها أسطورة اغريقية وكانت روعتنا في عدم الاكتمال ..
العالم مليء بالمرضى يا يوسف ، وأنتَ منهم.. أصررت على ألا نكون واقع لتحيا أسطورتك الخاصة وأنا لي الله يا يوسف .. جميع الأساطير تحمل القليل أو الكثير من الدماء وكانت تلك المرة دمائي.
حتى كلماتك لي يا يوسف كانت منقولة من أحد الأفلام..
فاكر لما قولتلي حتى لو ما كونتش قابلتك قبل كده أكيد كنتي ولابد هتوحشيني؟! .. مش أنا لقيتها في فيلم يا يوسف .. كمان في أكتر فيلم كنت بتحكي لي عنه يا يوسف .. كان فيلم أمريكاني البطل قالها نفس الكلمتين    .. عظيم يايوسف وملعوبة ، صنايعي طول عمرك
أنتَ لا تفرق شيئاً عن الفتاة صاحبة الفراشات يا يوسف .. أنتَ أيضاً تظلم "بيسة" وتخطف منها الأنظار فقط لأنك تملك تلك الابتسامة..
عارف يا يوسف ؟! .. أنا كان نفسي فـِ حد يآمن بيا ، حد كده يبقى فـِ ضهري ويفرح لفرحي وحاجات شبه دي .. بس ما لقيتش يا يوسف .. حتى أهلي يا يوسف .. عارف أنا امي من النوع اللي لو قالولها الحقي يا حاجة بنتك أول بنت تطلع القمر افرحي .. حتقولهم طلعت القمر لوحدها ولسه ما جاتش لحد دلوقتي .
عارف يا يوسف؟! .. أنا بكرهك وبكره إيمانَك بيا وبكره حبك اللي عمره ما بيكمل .. مشيت وسيبتني أدور عنك وسط وشوش الناس بالغصب.
وكأني أجبر ملامح العابرين أن تشبهك .. أن تحمل بعضاً من ملامحك ، وكأني استجدي في أحدهم حسنة أو شعرة بيضاء أو حتى إصبع ملتوي علني أراك بهم .. إلا أن جرح حاجبك يا يوسف لم يتكرر ويعود بي دائماً إليك كالمجاذيب .. أبحث عن ذلك الجرح بحاجبك فلا أجدني!
...............
من الرواية
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.